الخميس، 27 نوفمبر 2008

فنجان شاي والحياة السعيدة -4

فنجان/استكانة شاي والحياة السعيدة - 4

كم أنا مسرور من تواصل القراء وخاصة الأصدقاء الذين أعرض عليهم كتاباتي خصوصاً هذه السلسلة قبل نشرها، وأخص منهم بالذكر الدكتور/عيسى الملا، نعم لقد أخذوا بالملعقة العجيبة وأنا أشهد أن كل واحد منا يحتاج للتشجيع فالكلمات لها سحرها ومردودها على نفس ملقيها والملقاه له.

والان يا أولاد لنبدء حوارنا اليوم مع طيبة الطيبة نعم يا حبيبتي هذا سؤالك أمامي أتأمل فيه واعيش معه حتى أكمل هذه السلسله من فنجان شاي والحياة السعيدة بنفس الروح التي بدأت بها أول المقالات.

طيبة : نعم يا أبي سؤالي هو:

" ماذا تقصد بالفنجان هنا وما علاقته بكل ذلك؟. "
الفنجان

كما قلت لكِ فإن هذا هو موضوع مقالنا الرابع في هذه السلسلة سلسلة فنجان شاي والحياة السعيدة، وهنا سؤال لك يا طيبة. هل يمكن ان نقدم الشاي الا في وعاء،
طيبة : لا يا أبي! ولكن هذا ليس سؤالي كما تعلم.
ولكن هذه إجابتي يا طيبة.
فاذا كان الشاي لا يمكن تقديمة الا في وعاء ولربما الكثير من الناس لا يستسغون الشاي الا حارا فيجب علينا هنا ان يكون لدينا فنجان شاي مناسب. أي اننا لكي نحتفظ بجداراتنا بعد تحريكها في اعماق ذاتنا نحتاج وعاء يستوعبها وبنفس الوقت يحميها.

طيبة: ماذا تعني يا أبي!.

اعني هنا ان الشاي يقدم دائما حارا (هنا لن نتطرق الى الشاي المعلب والبارد) وليس كل فنجان يمكن ان يستوعب أو يقاومه الحراره وكذلك يستطيع الاحتفاظ بها لفتره طويلة.

ولقد وصلني من احد القراء بواسطة البريد الألكتروني سؤالا عن الشاي، يقول فيه : لماذا الشاي هنا وليس أي شراب أخر؟. وسوف اجيب على هذا السؤال واسئلة اخرى وصلتني من القراء في مقالنا القادم ان شاء الله تحت عنوان :

" رسل الرحمة منبهات لبناء نفس قوية لحياة سعيدة"

عمر : نعم يا أبي ماذا تقصد!.

أقصد هنا يا أحبابي وقرائي الكرام، أن الشاي منبه وغالبا ما نشربه وهو حار لذلك علينا ان نختار فنجان مقاوم للحرارة وتفاعلات مادة الشاي، لذلك خبراء صب الشاي يصبونه على دفعات في الفنجان، ويهتمون بأول صبة للشاي بالفنجان والثانية على ان يكون بينهما فترة كافية حتى يستوعب فنجان الشاي الحرارة خاصة اذا علمنا أن فنجان الشاي غير مختبر من قبل أو حتى ولو كان كذلك، ونحن من باب الاحتياط نضع تحت الفنجان صحن حتى لا يتلف الشاي ثيابنا أو ما حوله حين ينكسر فنجان الشاي، وله استخدام اخر.

أم عبدالرحمن: بهذا المثال أنت تذكرني بوالدي ووالدتي عندما يصبون الشاي بالفنجان على دفعات، وأنهم دائما يوصوننا بوضع ملعقة الشاي في الاستكانة قبل صب الشاي بالاستكانة (هذه حقيقة فيزيائية تساعد على عدم انكسار الفنجان) ، وكذلك يتفادون حراراة الشاي بشربه في صحن الشاي.

هذا أبداع يا أم عبدالرحمن من الجيل الأول كيف عرفوا بملعقتي العجيبة التي حدثتكم عنها في المقال السابق كونها تخفف من هذه الحرارة على الفنجان. نعم يا أم عبدالرحمن هذه إضافة جميلة منك لمقالي هذا شكرا...شكرا لكِ. وهذا استباق منكِ لموضوع مقالي القادم وهو.

" أهم مقومات الظهور وصحن الشاي لحياة سعيدة"
طيبة : هل الصحن هنا له دور ايضا.

نعم يا عزيزتي أمل ان تنتظري حتى المقال القادم ان شاء الله لتعرفي الدور العجيب والمهم لصحن الشاي.

أخي القارئ: هل هذا الفعل من الأولين يعني لكم شيء.

عمر: أبي أنا أحاول متابعة حديثك وتشعباته واعرف ان لديك قصد من هذا التشبيه لكن الصورة ليست واضحة لنا، أو لي على الأقل. أرجوا أن تقرب لي المعنى أكثر.

عبدالرحمن : نعم يا أبي اظن انك تقصد ان الفنجان هو الذي يحتوي جداراتنا لذلك علينا أن نختار الفنجان المناسب وبعناية لكي يحمي جداراتنا وسط هذا الشاي الحار (ان كل من استطاع تحريك جداراته في اعماق ذاته واستخدم الملعقة العجيبة سوف يعاني من الناس الذين لم يستطيعوا تحريك جداراتهم مرة يرمونه بالتكبر ومرة بالتعالي ...).

طيبة "بصوت منخفض" : الشاي...الحرارة ... الملعقة....الشاي منبه... المعنى غير واضح لي.

نعم ... نعم هذا ما اقصده تماما. هل كلام عبدالرحمن واضح لكم، حسنا سوف أشرح ذلك مع إعطاء تصور لتفاعلات الشاي الحار على جدار الفنجان ومادة الشاي كذلك مع اعطائكم تصور للفنجان المناسب.

قبل ذلك اشير الى مقالنا الأول الذي كان أساسه تحريك السكر في الشاي، وكنا نرمز للسكر بالجدارات (كنت أتمنى أننا استخدمنا العسل بدلا من السكر في هذه السلسلة لما للسكر من أثار خطيرة على الصحة وهو من الابيضين، والذي منعني من ذلك عدم اعتياد الناس من استخدام العسل لتحلية الشاي) ، هنا نوضح بان الشاي ومادته ترمز إلى التفاعلات النفسية وتأثير من حولنا علينا وعلى جداراتنا، وخاصة الذين لم يستطيعوا تحريك جداراتهم، فتجد منهم الحساد والمحبطين، والشاي يتأثر بزيادة الطبخ على تطعم السكر فيه وسوف نأتي على ذكرها في المقال القادم كما ذكرنا أعلاه.

والان دعوني استعرض معكم وصف أفضل نوع فنجان شاي يمكن استخدامه من قبل العوائل التي تحب شرب الشاي والفنجان هنا يرمز إلى أهم جدارة لمن يريد قيادة ذاته أو قيادة أي فريق إلى بر الأمان وتمكين جداراته أو جدارات الفريق من التفاعل الايجابي، وبهذه الجدارة تتكسر عندها جميع الانفعالات السلبيه وتمكننا من التمتع بجداراتنا. واسئل هنا هل منكم من يعرف هذا النوع من الفنجان؟.

الجميع ما هذا التشبيه وما هذا الفنجان يا أبا عبدالرحمن، أنه لفنجان عجيب حقا مثل الملعقة العجيبة التي ذكرت صفاتها في المقال الثالث.
نأمل أن توضح لنا صفات هذا الفنجان؟.

أنني أحاول أن أصور لكم الجدارات وأهميتها (يجب علينا الاهتمام بنظم الجدارات أكثر من اهتمامنا بتعليم ابناءنا العلم , واني ادعوا وزارة التربية والتعليم ان ترصد ذلك في شهادات التخرج من المراحل الاولى للتعليم كما ترصد درجات للمواد الاخرى مثل الرياضيات) وتحديد أساسها وما هذا الفنجان إلا الإطار الجمالي الذي يجمعها ويجملها ويستفيد من جميع انفعالات الذات بشكل ايجابي. هل تريدون أن تعرفوا هذا الفنجان أنه ضبط النفس.

"ضبط النفس هو فنجان الجدارات"

عبدالله : ضبط النفس!!! نعم اخذنا هذا في الذكاء العاطفي وقد حدثنا الدكتور عنه.

عمر : بالأمس ملعقة عجيبة واليوم الفنجان العجيب ما هذا التصوير يا أبي.

دعنا يا عمر نسأل هذا السؤال "ماذا نعني بضبط النفس؟.".
ضبط النفس : نعني بضبط النفس كبح جماح الإفراط بالانفعالات0 والهدف من ذلك تحقيق التوازن العاطفي وليس قمع العاطفة لأن لكل شعور قيمته ودلالته، كل ما نريد هنا ان نعطي فرصة وفسحه قبل الاستجابة لأي رد فعل حتى لا يتحول الانسان الى عبد يقاد بيد من يثيره لنصبح بعد ذلك من المبادرين.

عبدالله : مبادرين!! هذه نظرية ستفن كوفي في كتابة "العادات السبعة لاكثر الناس فاعلية"


رد الفعل الفعل
كلما زادت المسافه بين الفعل ورد الفعل كان الانسان من المبادرين
وكان رد فعله مدروس

نعم يا عبدلله هذا صحيح. وسوف يكون لنا حديث عن ذلك في هذه السلسله.

أخي القارئ لقد ذكرنا في المقال السابق كون الشاي من المشروبات التي يتناولها الناس عادة حاراً لربما إذا شرب وهو حار يتلف اللثة، وكذلك يعتبر الشاي من المنبهات للأعصاب، مما يساعد على إرباك الأعصاب. وأني اشبه حرارته وتنبيهه من حيث ما فيه من مواد، بالانفعالات التي تحدث للإنسان من حزن وعدم الرضى والغضب وتأثيرها على حلاوة الحياة السعيدة. أو هي المنقصات التي تجعلنا لا نتذوق طعم جداراتنا (السكر) لذلك يعمد الكثيرون الى تبريد الشاي نوعا ما، وان برد اكثر من اللازم لم يشرب.

عبدالله : أبي ان جلستنا هذه لشرب الشاي والاحاديث الرومانسية التي تديرها معنا وبهذه الكيفية ينسينا حرارة الشاي ولا نتطعم الا حلاوة السكر.

ما هذا يا عبدالله خذ هذه العبارة الرومانسية مني عن الشاي والسكر اذا.

"أنت الشاي وأنا السكر صحيح أنا محليك بس أنت ذوبتني فيك"
(اعنيك وافهمي ياجاره)

نعم يا أم عبدالرحمن. ان ضبط النفس تجعل من الانفعالات تساهم في بناء حياة الإبداع الروحي والعاطفي لان المعاناه تهذب الروح وهذه العبارات اكبر دليل على استمتاعي من هذا الحوار معكم.

طيبة أبي لا تخرج عن الموضوع. ما هو ضبط النفس.

شكرا على متابعتك للموضوع. ضبط النفس هو فن التخفيف عن النفس وذلك بالتعلم كيف نهدئ من أنفسنا لنصبح من المبادرين وحتى نتصور ان جميع الانفعالات من غضب أو حزن أو فرح أو عدم رضا أو نجاح انما هي رسل رحمه من رب العالمين فالالم الذي يصيب الأنسان لأي سبب انما هو رسول رحمة ينبه الإنسان لطلب المساعدة من الطبيب ومن لا يشعر بالالم فهو مريض مرضا لا يمكن علاجه حسب علمي ويكن في دائرة الخطر دائما لكونه لا يشعر بالمخاطر التي تصيبه وما أدل على ذلك من مرض السرطان (عافنا الله واياكم منه) الذي ليس له ألم وهو يداهم الإنسان فجأه، لذلك جميع الانفعالات رسل رحمة لبناء الذات وتقويتها (فمن يخالط الناس ويصبر على اذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على اذاهم).

ضبط النفس يولد الصبر ويخلصنا من الطاقة الهدامة الطاقة السلبية والتي تتولد من الغضب. ضبط النفس هي الأرضية الخصبة لميلاد أهم الجدارات التي ممكن أن يتصف بها الإنسان الناجح وخاصة منهم القادة وهي ألاناه (التروي) والحلم.
ان العلم يمثل (15%) من صورة الذات و(85%) تمثلها الجدارات التي تعطي الصورة الصحيحة عن تميز ذلك الانسان عن غيرة (لذلك انا اطالب وزارة التربية والتعليم بالاهتمام بالجدارات عند بناء المناهج لجميع المستويات وخاصة مرحلة الحضانة والروضة والابتدائي وان تستخدم النمو النفسي لدى الاطفال كمساعد لتسهيل ايصال المعارف لهم على سبيل المثال) .

الجبل الثلجي ونسبة المعارف الى الجدارات

ضبط النفس سر التمتع بالشعبية والقيادة، فالمدير بدون ضبط النفس يكون عدو لنفسه ولجميع من يقود بفقده هذا النوع من الفنجان الذي به نشرب الشاي ونتمتع بهذه الجلسة وطعم جداراتنا في اعماق ذاتنا (السكر).

ضبط النفس توصل الإنسان الذي يتصف بهذه الجدارة إلى مرحلة تمكنه من تحصيل حقوقه بيد غيره وتراثنا فيه الكثير من الشواهد.

وفي ختام هذا المقال وكعادتي في ختام مقالاتي سوف اربط هذا المقاله مع ارض الواقع حتى يمكن الاستفادة منها في تطوير منظماتنا، لذا فاني اتمنى من مدراء ادارات الموارد البشرية تحليل الوظائف بعناية كاملة باستخدام منهجية الديكام (DACUM) لتحديد وصف واضح لواجبات (Duties) الوظيفة والمهام (Tasks) لكل واجب من واجبات الوظيفة من ثم يتم تحديد ورسم الخطوات (steps) التي تؤدى بها كل مهمه على حدا مع تحديد الجدارات المطلوبه لكل المهام، حتى يتم تحدد مؤشرات الأداء المعيارية على مستوى مهام الوظيفة أو الواجبات وحتى تكون هنا آليات واضحة لقياس الاداء المعياري (واشير هنا الى ان الأداء المعياري يختلف تماما عن الأداء الفعلي للعامل، الان قياس الأداء الفعلي للموظف يرتبط بظروف هذا الأداء, لذا يجب السماح للعامل من تسجيل وحصر الظروف التي يتم فيها قياس هذا الأداء حتى تكون هناك عداله ومساواة وشفافية في عملية تقييم الأداء أو في عملية تقويم الأداء وعند رسم خطة لتطوير هذا الموظف) ودراسة فجوة الأداء لتحديد مواطن التطوير أو لرسم التدرج الوظيفي أو الاحلال الوظيفي والتي بدورها تؤدي الى تطوير صناعة التدريب أو التعليم في الجامعات والمعاهد المختلفة في السوق على ضوء ذلك لتوطين الوظائف التي تحتاجها التنمية في بلادنا الحبيبة، ومنها يمكن مراقبة السوق وتطوراته على مستوى الوظائف وعمل المقارنات مع الاسواق العالمية على مستوى الوظائف للحد من تسرب اليد العاملة الفنية بعد تدريبها لاسواق المنافسة، بسبب عدم تواكب انظمتنا لمتغيرات السوق من حيث النظم أو مناخ منظماتنا وما يدفع للعاملين من مزايا ومنافع.

فالح عبدالله الرويشد
استشاري حر في نظم الموارد البشرية
Alruwaished@hotmail.com

هناك تعليق واحد:

العسكر يقول...

مواضيع اكثر من رائعة يااستاذ عبدالله وتدل على فكر وخبرة واسعة وايضا" على حب نشر العلم وتقديم الفائدة للأخرين..انت عملة نادرة يااستاذ عبدالله واسأل الله لك التوفيق..
فيما يخض ضبط النفس هناك تساؤل مهم الا وهو متى نضبط النفس..اعتقد يااستاذ عبدالله ان هنالك اوقات لايجب فيه ضبط النفس الا بحدود معقولة وإلا اصبحنا بلا معنى اوقيم