الخميس، 27 نوفمبر 2008

فنجان شاي والحياة السعيدة -2

فنجان/استكانة شاي والحياة السعيدة - 2

لم أكن لأتصور أو أتوقع هذا الصدى الكبير لمقالي الأول وما أحدثه عند أصدقائي، حيث وصلني من القراء تعليقات كثيرة وتساؤلات أكثر حول هذا الأسلوب في طرح الأفكار، والأسلوب التصويري الذي تم إتباعه في عرضها، ولكن الذي أسرني قول احد الإخوان الذي اخبرني بأنه يعمل على ترجمة المقال الى اللغتين الانجليزية والفرنسية. ولهذه الأسباب وأخرى في نفسي رأيت ان تكون استكانة/فنجان شاي والحياة السعيدة سلسلة اربط بها التطوير والتدريب بنظم الموارد البشرية مع نظم الجدارات/المهارات لتحقيق الهدف المنشود للعملية التعليمية والتنموية من خلال ما يتم تعليمة في المدارس والجامعات وسوق العمل بعد عون الله ان شاء الله.

وفي هذه الحلقة من مقالي الثاني سوف أجيب على أول سؤال لأبني عمر حيث سألني!!!

كيف اعرف يا أبي أن السكر تحرك في فنجان الشاي لكي أتذوق طعمه الحلو؟.

تعرف قصدي يا أبي!!!

ابني العزيز هل تسمح لي بتأخير هذا النقاش الى يوم الخميس عندما نكون في منتزه الشبيلي.
عمر : هل الجواب طويل الى هذا الحد يا أبي...لا باس يا أبي وليكن ما تريد.

عمر : أبي ارجوا ان لا تكون قد نسيت موعد الإجابة على السؤال وها نحن في منتزه الشبيلي.
كيف أنسى اسعد أيام حياتي وانتم تطلبون مني ان انقل لكم عصارة فكري. ولكن قبل ان أجيبكم على هذا السؤال اسمحوا لي أن أقص عليكم هذه القصة القصيرة.

صورة الدلاء في البئر

قرأت مرة قصة لطيفة تروي ان بئرا ركب عليها دلوان كما هو في الصورة المرفقة ينزل الأول فارغا ويطلع الآخر ملان فلما تقابلا في منتصف الطريق سأل الدلو الفارغ الدلو الملان، مم تبكي؟ قال ومالي لا أبكي سياخذ الرجل مائي وسيعيدني الى قاع البئر المظلم! ولكن انت مم تضحك قال الدلو الفارغ: ومالي لا أضحك سأنزل الى البئر وامتلئ ماء صافيا، ثم اطلع الى النور والهواء العليل.
بماذا تفكروا يا أولاد وأنت يا عمر: بماذا تفكر وأنت تسمع هذا الحوار؟. هل ارتسمت في ذهنك صورة من صور الحياة تطابق هذه الصورة.

ان الحياة مليئة بالأشخاص الذين لا يحركون قدراتهم في داخلهم لذلك لا يتذوقوا طعمها، ان القليل هم الذين يحركون جداراتهم/مهاراتهم لكي يسعدوا بها في هذه الحياة الم ترى الكثير من الناس يتولون عملا واحدا، فينظر احدهما الى العمل من الجانب السار المشرق، والأخر ينظر من الجانب الحزين المظلم.
عمر : نعم يا أبي وأنا اذهب الى المدرسة أرى هذان الصنفان من الطلاب.
أحسنت يا عمر هذا ما اقصد، من هنا كان لابد علينا يا أبنائي الأعزاء إن نحرك جداراتنا لنسعد في هذه الدنيا. فمتى ما شعرنا بهذه الرؤية تكون أنت ممن حرك قدراته، ولا بد أن تصاحبك السعادة.





من هو الذي لم يستطع تحريك جداراته/مهاراته؟:هو من يبحث عن الثقب المظلم وسط حياة سعيدة

أبنائي وقرائي الأعزاء إذا رأيتم شخص أظلمت عليه الدنيا وتريدون أن تعرفوا إنه ممن يقدرون على تحريك جداراتهم في أعماق ذاته...هو ذلك الشخص الذي يتلمس ببصيرة قلبه ذلك الثقب الذي يطل عليه بشعاع النور وسط ذلك الظلام ولا ينظر في هذه الظلمة فان البصر لا يمكن أن يرى الأشياء بدون النور ، ولنتعلم ونعلم أبنائنا كيف يتذوقون حلاوة العلم وسط التعب والمثابرة والجهد في طلب العلم بان يروا مستقبلهم القريب عندما يكون احدهم طبيبا لامعا أو نجما من نجوم القمة، أو أن يعرف كيف أن القراءة والكتابة تستحق العناء من خلال ضرب الأمثلة والقصص ولنا تراث هائل لا أريد أن أطيل مقالي هذا بذكرها وان كانت هي دافعي وملهمي في هذه الكتبة.


من هو المتميز : هو ذلك الإنسان الذي يبحث عن ما يتميز به وسط الظلام الدامس من حياته ليتميز

عمر: أبي أريد مثل أو قصة أخرى تقرب لي ما بعد علي وتسهل عليه ما صعب من معنى وفهم.
أظنك يا عمر تريد أن تثري الحديث واعلم انك قد تصورت ما اقصد.
عمر: نعم يا أبي أريد المزيد لكي أتصور المعنى بشكل أكثر سهولة.
هذا جيد منك يا عمر ولكن هذه المرة أريدك أنت تنقل لنا الفكرة،
عمر : ولكن كيف يا أبي .
الآن يا عمر انظر الى هذه الصورة ماذا ترى؟.



أبي...أبي...أبي ما هذه. ما هذا صورة قط
كرر يا عمر النظر بالصورة ولا تستعجل.
نعم ...نعم يا أبي رأيت الصورة.
ماذا تريد أن أقول.
ولكن سؤالي كيف ركبتها.

أبني العزيز ليس هذا ما أريد الحديث عنه ولكن الجميل انك رأيت الصورة، هذا يسعدني جدا.
اجبني يا عمر. هل وقفت يوما أمام المرأة وابتسمت لنفسك؟.

نعم أسألكم قرائي الكرام هل وقفتم يوما أمام المرأة ورأيتم أي الابتسامات أفضل لتقابلون بها أصدقائكم أو أزواجكم أو لتعيشوا بها مع أنفسكم.

ان الذين يقدرون على تحريك جداراتهم في أعماقهم هم الذين يستطيعون رسم الصورة التي يريدونها على وجوهم.

هؤلاء هم القادرون على زراعة الورد في طريق حياتهم، لكي يشموا عطرها، وتطيب أعينهم برؤيتها ولو في أعماقهم في البداية...كعادة العظماء.

أما الذين يكونون في النور والحياة السعيدة وينظرون من الثقب المظلم أو يبحثون عنه وبكل وسيلة أو يدعون أو يطلبون أو يتوسلون من الناس ان يرسموا صورة على وجوهم كيفما يشاءون.

ولدي العزيز: هذا هو اقتباسي من هذه الصورة الخيالية الواقعية لدى بني البشر إذا أرادوا الحياة السعيدة...هذه سلسلة فنجان الشاي والحياة السعيدة.
وأنت تعلم جيدا يا عمر لما لديك من مهارات وقدرة في التخيل والتصوير، بان التركيز على ما نملك يوصلنا بالضرورة الى ما لا نملك، والعكس صحيح. بهذا الأسلوب يمكن تنمية الجدارات لدى بني البشر.
أحب أن أشير هنا الى المقال الأول الذي كتبته في العدد (105) من رمضان لهذا العام والذي يعتبر أساس طبيعي لهذا المقال لمن أراد الاطلاع على هذه السلسلة.
وأني كلي أمل أن تساعد هذه السلسلة في توسيع مساحة الانفتاح والنور لدينا لكي نتمكن من أن نرى أكبر مما لدينا من المعارف بعد زوال المعوقات وتحريك جداراتنا،
فالح عبدالله الرويشد
استشاري نظم موارد بشرية
Alruwaished@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: